أزمة التقادم الجنائي وآثاره "قضية سجن أبي سليم نموذجــاً "
الملخص
من بين أهم الأزمات التي يمر بها القانون الجنائي هي أزمة مدى وجود التقادم الجنائي من عدمه، ذلك التقادم القائم على فكرة عدم جدوى الملاحقة الجنائية للمعاقبة على جريمة ما بعد مرور فترة زمنية معينة من تاريخ ارتكاب الواقعة إلى لحظة تحريك الدعوى الجنائية في مواجهة المتهم.
بالإضافة إلى أزمة التكييف القانوني للتقادم الجنائي، فالتسليم بأهمية التقادم الجنائي والاتجاه نحو إقراره في النظام الجنائي يطرح بشكل عميق مسألة تكييفه القانوني، فالتقادم كقاعدة موضوعية له أحكام ومبادئ يقوم عليها تختلف عن أحكام التقادم ومبادئه باعتباره قاعدة إجرائية، فالأولى تقوم على أن التقادم يخضع إلى مبدأ الشرعية الموضوعية القائم على فكرة الأثر الفوري، وأن النصوص لا تسري بأثر رجعي إلا إذا كانت أصلح للمتهم وهو ما يعرف بالتقادم المسقط للجريمة، في حين أن التقادم الإجرائي الذي هو سبب انقضاء الدعوى، فإنه يقوم على مبدأ الشرعية الإجرائية القائمة على أنه لا إجراء جنائي إلا بقانون، وينتج عنه استبعاد الأثر الرجعي للنص الإجرائي والاحتكام إلى فورية هذه المنطلقات في تحديد طبيعة التقادم الجنائي، حيثُ تظهر أهميتها في كونها الوسيلة الأكثر فاعلية -إن لم نقل الوحيدة- التي تهدف إلى وضع حلول لمسائل عالقة ناتجة عن جرائم ارتكبت في ظل قانون ينص على التقادم، أما الملاحقة الجنائية فقد جاءت بعد تبني القانون رقم 11 لسنة 1997 بشأن إلغاء التقادم.
فهل تطبق الأحكام الموضوعية للتقادم على مثل هذه الوقائع وتسقط الجريمة بمضي المدة؟ أم أن الأحكام الإجرائية للتقادم تسري ولا تسقط الجريمة بمضي المدة؟ باعتبار أن المعيار هنا هو تاريخ اتخاذ الإجراء وليس تاريخ ارتكاب الواقعة.